قصة مقتل عروس أسيوط: ليلة الدخلة التي تحولت إلى مأساة

 في قرية صغيرة تابعة لمركز الفتح بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، كان الجميع يترقبون ليلة الفرح التي طال انتظارها. كانت العروس، فتاة في السابعة عشرة من عمرها، ابنة عم عريسها، شاب في مقتبل العمر يُدعى أحمد. كان الزواج بينهما تقليديًا، كما هي العادة في تلك القرى، حيث تجمع العائلتين روابط الدم والقربى. لكن ما بدأ كحلم ليلة العمر تحول إلى كابوس هز أرجاء القرية، بل ومحافظة أسيوط بأكملها، في قضية مروعة أثارت الرعب والحزن في قلوب الجميع.


 

كانت القرية تضج بالحياة في تلك الليلة من سبتمبر 2024. الأنوار تزين الشوارع الضيقة، والزغاريد تعلو من كل بيت، والأطفال يركضون فرحين بينما النساء ينشغلن بتحضير الطعام والحلوى. العروس، التي لن نسميها حفاظًا على خصوصية عائلتها، كانت ترتدي فستان زفاف أبيض مطرزًا بأناقة، وكانت تبدو كالأميرات في عيون أهلها. أحمد، العريس، كان شابًا هادئًا، لكنه كان معروفًا بطباعه الحادة أحيانًا، وهو ما لم يكن يثير قلق أحد في تلك اللحظة، فالجميع كانوا منشغلين بالاحتفال.

بعد انتهاء مراسم الزفاف، توجه العروسان إلى منزل الزوجية، وهو منزل بسيط من الطوب اللبن يقع في طرف القرية. كانت تلك الليلة، ليلة الدخلة، التي يفترض أن تكون بداية حياة جديدة مليئة بالأمل والسعادة. لكن ما حدث في تلك الغرفة الصغيرة كان بعيدًا كل البعد عن الأحلام الوردية التي تخيلها أهل العروس.

 

في تلك الليلة، وبينما كان الظلام يكتنف القرية، بدأت الهمسات تتسرب بين جدران المنزل الصغير. أحمد، الذي كان يحمل في داخله أفكارًا متوارثة عن "الشرف" و"التقاليد"، بدأ يشك في سلوك عروسه. لم تكن هناك أدلة واضحة، ولم يكن هناك ما يبرر شكه سوى أفكار مسبقة ربما زرعها المجتمع المحيط به. لكن تلك الأفكار كانت كفيلة بتحويل شاب هادئ إلى وحش فقد إنسانيته.

بدأ أحمد يسأل عروسه أسئلة حادة، وبدأت نبرته تتصاعد. العروس، التي كانت لا تزال في حالة من الرهبة والفرح الممزوج بالخوف كأي فتاة في ليلة زفافها، لم تفهم سبب هذا التغير المفاجئ في سلوك زوجها. حاولت تهدئته، لكن كلماتها لم تجد طريقها إلى قلب أحمد، الذي كان قد فقد السيطرة على نفسه تمامًا.

فجأة، ودون سابق إنذار، انتزع أحمد سكينًا من المطبخ الصغير المجاور لغرفة النوم. العروس، التي أدركت أن شيئًا مرعبًا على وشك الحدوث، حاولت الهرب، لكن أحمد كان أسرع. أمسك بها من ذراعها، وفي لحظة فقدان للعقل، بدأ يطعنها بلا رحمة. لم يكتفِ بذلك، بل واصل فعلته المروعة حتى فصل رأسها عن جسدها، تاركًا المشهد كأنه خارج من أفلام الرعب.

الفصل الثالث: المشهد المروع

بعد أن أنهى جريمته، لم يحاول أحمد الهرب أو إخفاء فعلته. بل جلس بجانب رأس زوجته المنفصل، محدقًا في الفراغ، كأن عقله توقف عن العمل. الدماء كانت تملأ الأرضية، وفستان الزفاف الأبيض تحول إلى خرقة حمراء مبللة بالدم. لم يتحرك أحمد من مكانه حتى بدأت أصوات الجيران تتعالى بعد أن سمعوا صرخات العروس الأخيرة.

أحد الجيران، الذي استيقظ على صوت الضجيج، هرع إلى منزل العروسين. عندما فتح الباب، تجمد في مكانه. المشهد الذي رآه كان أكثر مما يمكن لأي إنسان أن يتحمله. صرخ الجار بأعلى صوته، مما جعل باقي أهل القرية يتجمعون حول المنزل. النساء بدأن في البكاء والصراخ، بينما هرع الرجال لإبلاغ الشرطة.

 

في غضون ساعات قليلة، تلقى مدير أمن أسيوط، اللواء وائل نصار، إخطارًا من مأمور مركز شرطة الفتح يفيد بوقوع جريمة قتل مروعة في قرية الفيما. على الفور، انتقلت قوات الأمن وضباط المباحث إلى موقع الجريمة، مصطحبين سيارة إسعاف. عندما وصلوا، كان المشهد لا يزال كما هو: أحمد جالس بجانب جثة زوجته، غارقًا في صمت مخيف، والدماء تملأ المكان.

تم نقل جثمان العروس إلى مشرحة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة، بينما أُلقي القبض على أحمد على الفور. خلال التحقيقات الأولية، لم ينكر أحمد فعلته. اعترف بأنه قتل زوجته لأنه "شك في سلوكها"، لكنه لم يقدم أي دليل يدعم شكه. كانت كلماته باردة وخالية من أي ندم، مما زاد من صدمة رجال الشرطة الذين اعتادوا على التعامل مع الجرائم، لكن ليس بهذا الشكل المروع.

تم تحرير محضر بالواقعة، وبدأت النيابة العامة التحقيقات. كشفت المعاينة الأولية أن العروس تلقت طعنات متكررة قبل أن يتم فصل رأسها، مما يشير إلى أن الجريمة لم تكن مجرد لحظة غضب، بل كانت فعلًا متعمدًا نفذه أحمد بكل وحشية. تقرير الطب الشرعي أكد أن العروس كانت لا تزال بكرًا، مما دحض شكوك أحمد تمامًا، لكن هذا التقرير لم يعد يعني شيئًا، فقد كانت الفتاة قد فارقت الحياة بطريقة مأساوية.

 

الخبر انتشر كالنار في الهشيم، ليس فقط في قرية الفيما، بل في محافظة أسيوط بأكملها. تحولت القرية إلى مأتم كبير. أهل العروس كانوا في حالة انهيار تام. الأم كانت تصرخ وتلطم وجهها، بينما الأب جلس في صمت مطبق، عيناه مليئتان بالدموع والذهول. أما أهل أحمد، فقد شعروا بالعار والحزن في آن واحد. لم يكن أحد يتخيل أن شابًا من عائلتهم يمكن أن يرتكب مثل هذه الجريمة البشعة.

على مواقع التواصل الاجتماعي، أثارت القضية جدلًا واسعًا. كثيرون عبّروا عن غضبهم من العقلية التي قادت أحمد لارتكاب هذه الجريمة، بينما طالب آخرون بضرورة تغيير التقاليد والعادات التي تضع الشرف على كاهل المرأة وحدها. ناشطات حقوقيات في مصر استغللن الواقعة للمطالبة بتشريعات أكثر صرامة ضد العنف الأسري، مشيرات إلى أن هذه ليست الحادثة الأولى من نوعها في المجتمع المصري.

 

بعد أشهر من التحقيقات، تمت إحالة أحمد إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد. خلال جلسات المحاكمة، ظل أحمد صامتًا في معظم الوقت، لكنه كرر أنه "لم يكن يقصد قتلها بهذه الطريقة"، زاعمًا أن الشيطان تلبسه. لكن أقواله لم تلقَ قبولًا لدى القاضي، الذي رأى في الجريمة نموذجًا صارخًا للعنف الأسري المتجذر في بعض المجتمعات 

في النهاية، حُكم على أحمد بالإعدام شنقًا، وهو الحكم الذي لاقى ترحيبًا من عائلة العروس، لكنه لم يخفف من ألمهم. الأم قالت في تصريح لإحدى الصحف المحلية: "ابنتي ماتت ظلمًا، وحتى لو أُعدم أحمد ألف مرة، لن تعود ابنتي إليّ". كانت كلماتها تعكس عمق الحزن الذي سيظل يلازمها طوال حياتها 

 

قضية مقتل عروس أسيوط لم تكن مجرد جريمة عابرة، بل كانت جرس إنذار للمجتمع المصري بأكمله. كشفت الحادثة عن العديد من المشكلات الاجتماعية العميقة، منها انتشار العنف الأسري، والأفكار البالية حول "الشرف" التي تضع المرأة دائمًا في قفص الاتهام، حتى وإن كانت بريئة. كما أثارت القضية نقاشًا حول الحاجة إلى التوعية الجنسية والثقافية في المجتمعات الريفية، لمنع تكرار مثل هذه المآسي 

في قرية الفيما، لم يعد أحد يتحدث عن تلك الليلة إلا بهمس. المنزل الذي شهد الجريمة أصبح مهجورًا، ويقال إن أهل القرية يسمعون أحيانًا صوت بكاء خافت ينبعث منه في الليالي المظلمة. ربما كانت تلك مجرد أساطير ولدتها المأساة، لكنها تعكس مدى التأثير العميق الذي تركته هذه القضية في نفوس الجميع 

 

مقتل عروس أسيوط ليس مجرد قصة، بل هو مرآة تعكس واقعًا مؤلمًا يعيشه الكثيرون في مجتمعاتنا. إنه تذكير بأن التقاليد، إذا لم تُراجع وتُصحح، قد تتحول إلى سلاح يزهق أرواح الأبرياء. العروس التي كانت تحلم بحياة مليئة بالحب والأمان، انتهت حياتها في ليلة كان يفترض أن تكون الأجمل في حياتها، تاركة وراءها ألمًا لا ينتهي، وسؤالًا يتردد في أذهان الجميع: متى سيتوقف هذا العنف؟

Commentaires