g

glob

mercredi 17 janvier 2018

جزر الواق واق بين الحقيقة والخيال

جزر الواق واق.. لعلك سمعت بها من قبل ولعلك تسمع بها الآن للمرة الأولى 
ردة الفعل الأولى لمن لم يسمع بها للمرة الأولى تكون الاستغراب.. خصوصاً وأن الاسم غريب للغاية
جزر الواق واق ظهرت كثيراً في كتب الأدب والتراث، ومع ذلك فهناك آراء مختلفة حول ما إن كانت موجودة فعلياً أم أنها من الأمكنة المتخيلة التي اشتهرت خلال فترة معينة، وعليه ذكرت أكثر من مرة في كتب الأدب والتراث. 
ظهرت التسمية في كتاب ألف ليلة وليلة وفي قصة السندباد البحري الذي عثر على جزيرة فيها العجائب والغرائب. وقد ظهرت في كتاب البلهان وفي كتاب الروض المعطار في خبر الأقطار وغيرها من الأعمال الأديبة والتراثية 
أين يفترض أن تقع جزر الواق الواق؟ 
من المفترض أنها جزيرة أو مجموعة من الجزر في بحر الهند أو بحر الصين.  أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله ابن خرداذبة المؤرخ والجغرافي الذي أشار وبصراحة إلى كروية الأرض رغم كونه عاش بين ٨١٠ وحتى ٩١٢ ميلادية ذكر جزر الواق واق مرتين في كتابه الشهير المسالك والممالك، وجاء فيه «وفي مشارق الصين بلاد الواق واق وهي كثيرة الذهب حتى أن أهلها يتخذون سلاسل كلابهم وأطواق قرودهم من ذهب. ينسجون الذهب في قمصانهم. هناك يمكن العثور على نوعية ممتازة من خشب الأبنوس». ثم يذكرها مرة آخرى حين يقول «الذهب وخشب الأبنوس يتم تصديرهما من الواق واق». 
من هنا بدأ الخبراء بتحليل ما كتب والبعض استند إلى دراسة أصل الكلمات والتعليل اللفظي؛ من أجل الوصول إلى خلاصة مفادها أن الواق واق هي التسمية الكانتونية لليابان، بينما البعض الآخر اعتبر أنها مدغشقر وفئة قالت إنها جزر تابعة للصين. المستشرق مايكل جان دي خويه حسم بأنها اليابان، أما غابريال فرناد من جهته فاعتبر أن الواق واق هي إما مدغشقر أو سومطرة أو إندونيسيا 
من أين جاء الاسم؟
بطبيعة الحال بما أن النظريات حول مكان وجودها عديدة، فكذلك الأمر بالنسبة الى أصل التسمية. 
النظرية الأولى تقول إنها سميت كذلك نسبة إلى شجرة الواق واق. الشجرة هذه ظهرت في «التونغاديان»، وهي موسوعة صينية تغطي مواضيع مختلفة حدثت خلال العام ٧٥٦. في هذه الموسوعة يتم الحديث عن العرب الذين صادفوا شجرة ينمو عليها الأطفال. وفي النسخ الأندلسية تم ذكر هذه الشجرة، وإنما بشكل مختلف حيث تنمو النساء عليها لا الأطفال. 
البعض يقول إن العرب أطلقوا هذه التسمية كتعريب لكلمة «واكوكو» والتي ذكرها ابن بطوطة، وكانت هذه التسمية تطلق على اليابان 
الحكايات في الأدب والتراث.. خيال خصب جداً 
في الحكايات الشجرة العجبية تختلف، فبعض المصادر تقول إن أول مرة ذكرت فيها جزيرة الواق واق كانت في القرن العاشر ميلادياً حيث حكي عن جزيرة فيها شجرة ضخمة أوراقها دائرة أو مستطيلة، أما ثمارها فتشبه القرع واليقطين، ولكنها أكبر حجماً وتشبه إلى حد ما هيئة البشر.. وكانت هذه الثمار كلما ضربتها الريح تصدر أصواتاً.. وغرابتها لا تكمن في شكلها فحسب بل بواقع أنها عندما تقطف كانت تتحول من ثمار يابسة إلى أخرى لينة. 
ثم وبعد قرنين تقريباً ظهرت نسخة جديدة حكى فيها عن شجرة «تلد» في شهر آذار. البداية تكون بثمار تشبه إلى حد ما البلح ثم تظهر شيئاً فشيئاً أعضاء البشر من قدمين وذراعين، ومع حلول نيسان يظهر الرأس.. يتم تعليق الثمرات هذه من شعرها؛ كي تكون على شكل نساء جميلات. ومع قدوم الصيف تتساقط وخلال ارتطامها بالأرض تصدر صوت «واق واق». 
حكاية جديدة لها علاقة بالشجرة، وإنما تتضمن تفاصيل أخرى جديدة لم تذكر في القصص السابقة. في هذه القصة الحديث هو عن جزيرة لا تسكنها سوى النساء، تحكمها امرأة تجلس عارية على عرشها ومن حولها ٤ آلاف جارية عاريات بدورهن. 
وحين يسمع صوت الواق واق من الشجرة يخيم التشاؤم عليهن؛ لأنهن يفهمن المغزى. ولكن القصة لم توضح ماهية هذا المغزى 
الجهة التي  تقول إنها حقيقية
المستشرقون بشكل عام يؤيدون النظرية القائلة إنها بلاد موجودة فعلياً. فالمستشرق الفرنسي فران والروسي كرتشكوفسكي يميلان إلى الرأي القائل بأنها إقليم يقع على الساحل الشرقي في آسيا شمال الهند. سبب الاعتقاد هذا نابع من قناعة بأن بلاد الواق واق هي تسمية أطلقها العرب على بلدين مختلفين من البلدان التي كان البحارة والتجار العرب حينها يقصدونها. 
فئة من المستشرقين تؤكد أن الواق الواق هي جزر اليابان، فوفق كرامرز فإن العرب أطلقوا التسمية هذه أيضاً على جزيرة مدغشقر التي تقع جنوب شرق القارة الإفريقية. 
أبو عبد الله محمد الإدريسي، والذي هو عالم وأحد أهم الجغرافيين والذي يعد من مؤسسي علم الجغرافيا رسم في خارطته للعالم جزر الواق واق، وحدد مكانها بعد أرض سفالة. وإقليم سفالة هو التسمية التي أطلقها العرب على أقاليم الساحل الشرقي لأفريقيا التي كان يمرون فيها خلال رحلاتهم الى مدغشقر. 
ذكرت أيضاً في كتاب محمد بن أبي بكر الزهري، والذي هو جغرافي عاش في القرن العاشر، ولكن الزهري انزلق خلال وصفه إلى الخيال بحيث أعاد ذكر الشجرة التي «تثمر» نساء. ابن بطوطة أدخل كلمة الواق واق إلى اللغة العربية، وذلك في إشارة منه إلى تسمية «واكوكو»، وهي ما كان يطلق على بلاد اليابان قديماً

0 commentaires: