ارتبط اسم بابلو اسكوبار طوال سنوات بالعنف والكوكايين، فبعد أن صنع ثورة في تجارة المخدرات، تحول إلى ملك الكوكا في كولومبيا. سيطر اسكوبار على إمبراطورية المخدرات عبر التهديد والرعب، ولكنه أطعم الفقراء في بلاده أيضا، ومنحهم مساكن ومدارس ومستشفيات. ولد بابلو اسكوبار في كولومبيا وقد عرف بقدرته على استغلال التعطش الأمريكي لاستهلاك الكوكايين. عبر أسلوبه الشهير بقتل كل من يقف في طريقه، تمكن اسكوبار من تحويل صناعة الكوكايين في كولومبيا إلى مصدر عادات بقيمة مليارات الدولارات. إلى جانب شركائه في عصابات ميين، أقام شبكة لتوزيع المخدرات صنعت إمبراطورية كوكايين لم يسبق لها مثيل. نجح اسكوبار في إدخال عشرات الآلاف من أطنان البودرة السامة إلى الولايات المتحدة ومنها إلى أوروبا، ما جعله يستحق لقب
عراب الكوكايين
في أواسط الستينات بدأ العنف ينتشر في بلدة إسكوبار إنبيغادو، حيث انتشرت عصابات تعمل في تجارة المخدرات. أخذ في سن المراهقة يرتبط بلص يسرق السيارات يسكن في حي من مديين يعرف بلقب خيسوس دي ناصارينو. مع نهاية الستينات أصبح اسكوبار خبيرة بسرقة السيارات، وتهريبها يعتمد على عصابة خاصة. البروفيسور وليم بروس: كان كل من عرفه في سن الشباب علق مطولا على سرعة بديهته، وقدرته على استيعاب المعلومات، وربط الأشياء معا بطريقة غابت عن الكثيرين. هذا بعض من مواهبه، في العثور على بدائل وحلول، فتحت له أبوابا واسعة في مجال تهريب المخدرات.
دفعته رغباته في الثراء إلى زيادة نشاطاته الإجرامية حتى بلغ القتل بالإيجار. تميز صعود اسكوبار في أطر الجريمة عبر العنف الشديد. كان شاب طموح ولكن الأهم من ذلك هو أنه كان فذا، يعرف ماذا يريد، ولا يسمح لأحد بأن يقف في طريقه. بأقل من عشرة أعوام تحول اسكوبار من لص صغير إلى مجرم دموي يقتل بالأجرة. أودع السجن لحمل وثائق مزيفة. كانت هذه أول فرصة للتعرف على قسوة السجون والمحامين الذين يدافعون عنه. وقد تحولوا لاحقا إلى عماد في عصابته. حبه للمال والسيارات السريعة دفعه إلى الاشتراك مع قريبه غوستافو غابيديا إلى تهريب أول كمية من الكوكايين في سيارة مستأجرة. البروفيسور وليم بروس: عندما كان بابلو اسكوبار في العشرينات من عمره، كان يستمتع بسرقة السيارات أو الدراجات أو ما شابه ذلك، حتى تنبه إلى أنه يستطيع جمع مبالغ أكبر عبر تجارة المخدرات
وهكذا انطلق بابلو اسكوبار من بدايته المتواضعة ليتحول إلى أهم وأغنى زعيم لتهريب المخدرات في العالم. مع بداية السبعينات أصبح الكوكايين خيار المخدرات لأصحاب الأناقة والشهر والثراء، إلى جانب أنه يدفع إلى الإدمان. مع انفجار استعماله في الولايات المتحدة، تولى اسكوبار وعصابات مديين مهمة تلبية الإقبال الكبير عليه. بدأ ظهور بابلو اسكوبار على الساحة الدولية من خلال رحلة جوية انطلقت من كولومبيا إلى الولايات المتحدة. بلغ ثمن كيلو الكوكايين في الولايات المتحدة أواسط السبعينات خمسة وثلاثون ألف دولار. أي أن الطائرة الصغيرة تستطيع حمل مليارات الدولارات. البروفيسور وليم بروس: كان أول إبداع في تهريب المخدرات لعصابات مديين عبر تحميل الكوكايين في صناديق يقذفونها في عرض البحر بالقرب من شواطئ جنوب فلوريدا لتتولى اليخوت السياحية نقلها إلى الأراضي الأمريكية. كانت هذه الوسيلة من أهم ما توصلت إليه عصابات مديين
تصرف اسكوبار بازدواجية واضحة كغيره من زعماء المافيا، إذ كان مهرب مخدرات دموي مطلوب لحكومتي كولومبيا والولايات المتحدة، إلا أنه كان في الوقت نفسه زوج ووالد صالح وفاعل خير يخلق العديد من فرص العمل ويبني المساكن والمستشفيات والمدارس، ومراكز ترفيه لأبناء منطقته
تسببت منتجاته بقتل الكثير من الأرواح، ولكن هذه الصناعة كانت تعود على عصابات مديين بأرباح سنوية تتراوح بين ستة وثمانية مليار دولار. البروفيسور وليم بروس: نتيجة الجهود التي كانوا يبذلونها لإدخال المزيد من الكوكايين إلى الولايات المتحدة، فحققوا أرباحا هائلة يصعب حصرها.
استهلك الأمريكيون من الكوكاين أكثر من أي وقت مضى، ولكن بابلو اسكوبار أصبح مطلوبا من حكومتي كولومبيا والولايات المتحدة
استمرت إمبراطوريته بالنمو بعد انتشار منتجاته في أرجاء العالم. في هذه الأثناء استمر عدد ضحايا حرب المخدرات في كولومبيا بالنمو. كان اسكوبار وشركائه في مديين مسؤولين عن عمليات اغتيال راح ضحيتها المدعي العام، ووزير العدل، وعشرات الصحفيين، وأكثر من مائتي قاض، وما يزيد عن ألف من رجال الشرطة. حتى طالت موجة الاغتيالات المرشح الانتخابي للرئاسة في كولومبيا لويس كارلوس غالان عام تسعة وثمانين. البروفيسور وليم بروس: العمليات الارهابية التي تدعمها عصابات مديين وعلى رأسهم بابلو اسكوبار، قضت على ثلاثة من المرشحين الستة للرئاسة في كولومبيا، ضمن انتخابات عام تسعين. تم اغتيال ثلاثة مرشحين، من أصل ستة، أما الرئيس غابيريا فقد تم انتخابه لأن الرجل الذي تم اختياره من قبل الأحزاب وهو لويس كارلوس غالان، قد اغتيل بأمر من اسكوبار في آب أغسطس من عام تسعة وثمانين. العلاقة بين اسكوبار والحكومة الكولومبية غيرت وجه السياسة في هذا البلد، وذلك عبر الرئيس الكولومبي
سلم اسكوبار نفسه للسلطات الكولومبية بعد حصوله على ضمانات بعدم تسليمه إلى الولايات المتحدة، وضمن الشروط التي حددها بنفسه للحكومة الكولومبية. وقام شخصيا ببناء سجن خاص به عرف بلقب لاكاتيدرال خارج مديين. جيمس: من الصعب جدا على زعيم عصابة ما أن يستمر بقيادة هذه المنظمة بالطريقة نفسها وهو يقبع في السجن. قد يتم ذلك لبعض الوقت ولكن الواقع في النهاية يفرض نفسه، إذ أنه لم يعد هناك لتأكيد أوامره وهذا ما حدث فعلا مع اسكوبار. رانس: شعر بأنه يستطيع التمتع بكل ما يريده في العالم. ولكن أعدائه لا يقتصرون على الحكومة الكولومبية وحدها بل هناك عصابات أخرى وزعماء آخرين ينافسونه داخل تحالف مديين. وأعتقد أنه فكر بأنها ستكون مجرد إقامة آمنة يستطيع الاستراحة فيها، دون أن يؤثر هذا سلبا على عمله في قيادة إمبراطورية الكوكايين
ولكن أعدائه كانوا يشدون الطوق. رانس: بين عامي اثنين وتسعين وثلاثة وتسعين، كانت السلطات الكولومبية تبذل الكثير من المساعي للقضاء على هذه العصابات، حتى تمكنت في هذا المجال من قتل ما يقارب مائتي رئيس عصابة كبيرة ومتوسطة. كما عرضت نوعا من التسويات داعية البعض لتسليم نفسه. يمكن القول أنها عطلت عصابات مديين عن العمل من حيث المبدأ. البروفيسور وليم بروس: لم يعد الأمر محتملا، إلى أن قامت الحكومة الكولمبية بالتعاون مع الولايات المتحدة بتأسيس وحدات مشتركة بين الشرطة والجيش للاستمرار في تعقبه، وذلك ضمن هيكلية الجيش وتحديدا لنيل من اسكوبار. وقد عملوا على إخراج وحدات الشرطة التي كانت في مديين لنشر وحداتهم الجديدة، فأدرك أن عليه إما أن يرشوهم أو يقتلهم لكسب ولائهم.
عزز الرئيس غابيريا هذه الوحدات بسبل تنسيق قيادية إضافية، وأجهزة تنصت إلكترونية، ومراقبة لأربع وعشرين ساعة. البروفيسور وليم بروس: المساعدة هامة، ولكن حكومة غابيريا كانت تريد القبض على اسكوبار أيضا بعد هربه من لاكاتدرال، هذا هو بيت القصيد، بعد انتهاكه لتعهد الحكومة نحوه. بعد أن فعل ذلك وأصبح يهدد قادة عصاباته، أصبح جرس القضاء عليه يرن بلا شك.
مضى أكثر من عام على فرار اسكوبار، ولكن يبدو أن حظه أخذ ينضب. لجأ اسكوبار إلى شقة سكنية في مديين. أثناء حوار أجراه مع ابنه بالهاتف الخليوي، تمكنت الشرطة المختصة من تحديد موقعه. رانس: وضعو مثلاثا من حوله، حددوا بعدها مكانه على مسافة مائة متر إلى أن عثروا بالتحديد على الشقة التي كان يسكنها.
حاول اسكوبار الهرب بالقفز من فوق سطح الشقة التي تعرضت للتصدع. تم تبادل إطلاق النار بين الشرطة واسكوبار. قتل بابلو إميليو اسكوبار رميا بالرصاص على يد أحد رجال الشرطة يوم الثاني من كانون أول ديسمبر من عام ثلاثة وتسعين، بعد يوم واحد على ذكرى ميلاده الرابعة والأربعين. في النهاية، مات اسكوبار غارقا في دمائه، دون أن ينتعل حذاءه. احتفلت الشرطة في الشوارع، بينما أعلنت عائلته الحداد على موته. رانس: تم القضاء عليه. لأن شخصا مثله رغم كل ما له من علاقات وما اشتراه من ذمم وما جنده من صداقات ليصنع بها شبكة يعتمد عليها في حمايته، كان لا بد أن تنهار بعد أن تحول إلى العدو رقم واحد للمجتمع والبلد ككل. هذا ما ساعد الشرطة، أو ما أسموه بوحدات البحث، على النيل منه.
كان مماته شبيه جدا بحياته. إذ أن جنازته ازدحمت بفرح أهل الشماتة من أهالي الذي قتلوا على يد رجاله وعصاباته، وحزن عائلته محبيه الذين استفادوا من المساعدات ومعونات التي قدمها عبر أعماله الخيرية الواسعة النطاق
0 commentaires:
Publier un commentaire